أهي حقا “طريقة مبتكرة”!

اختار باحث أن يكون مقاله في علم العروض، وهو اختيار عزيز، ينبغي أن يحسب له.

وطمح إلى وصف بحور الشعر العربي من خلال أشهر صورها، وصفا رقميا يتيح له أن يحول نتائجه إلى رسوم بيانية تمكن المطلع من رؤيتها أمامه رأي العين، وهذا مطمح جدير بالتقدير. ولكنه ادعى لذلك دعوى عريضة جدا، أنها أولى المعالجات العروضية الرقمية، وأنه أول المعالجين، وأهمل من اعتباره تراثا ممتدا من النصف الثاني من القرن الميلادي العشرين إلى اليوم، حافلا بأعمال الدكتور صلاح عيد والدكتور أحمد مستجير والمهندس خشان خشان صاحب كتاب “العروض رقميا” الذي تقدم به منذ عشرة أعوام تقريبا إلى جائزة السلطان قابوس العمانية الرفيعة، ثم اتسعت شبكة المعلومات لنشاطه هو وإخوانه وتلامذته، ينظرون معا، ويستشكلون، ويقترحون، ويجترحون، حتى صار لهم في المجال شأن كبير!

لقد رصد الباحث بمقاله المكوّنات الوزنية، وميز فيها حركاتها من سكناتها، وقسم عدد تلك على عدد هذه، واستخرج متوسطاتها وميول زواياها، ووضعها على فضاء الرسم البياني، ثم ذهب يتلمس فيما استخرجه وجوه الاحتجاج لما في كتب العروضيين من خصائص بحور الشعر وسماتها كلها، حتى طال به الكلام، واستبد به الاستطراد والتكرار، ولم يبلغ بعمله مبلغ الكتاب، ولا وقف عند حد المقال!

ربما لم يطلع الباحث على ذلك التراث الذي أشرت إليه، ولكنه غير معذور بهذا؛ فقد تجاوزت أدبيات التحليل العروضي الرقمي حدود مطامحه، وبلغت مبلغ اختصاص كل بحر بشخصية رقمية خاصة، ولم تقتصر في كل وزن على الإجمال الذي اقتصر عليه في تمييز حركاته وسكناته، بل راعت مواضعها في الترتيب، وهذا ما عجز عنه الباحث فاضطر إلى المخالفة عما سلكه من تمييزها، إلى تحكيم الأوتاد والأسباب ومواضعها، فلم يخل هذا الاضطرار من الاضطراب!

ولقد هممت بأن أرد المقال على صاحبه من حيث أكاد لا أجد له قيمة في ذلك التراث، ثم كفكفت من همي، واستحسنت أن أطالبه بما يأتي:

  • عرض تراث التحليل العروضي الرقمي الذي أشرت إليه، وبيان منجزاته.
  • بيان خطوات التحليل البياني ومقاييس المحاور والزوايا.
  • جمع بيانات الأوزان كلها في جدول واحد.
  • التعليق على الجدول باستنباط ما بين الأوزان من جوامع وفوارق.
  • تفسير المستنبطات والإحالة في الهوامش البعدية على رسومها البيانية.
  • تمثيل الموازنات بأبيات حية تقنع القارئ بما يراه الباحث من وجوه الاحتجاج لخصائص الأوزان وسماتها.

تلك مطالب إذا أنجزها الباحث جاز نشر مقاله على ألا يتجاوز به حد المقال المحدود.

والله من وراء القصد.

Related posts

Leave a Comment